عاجل

تنظم وزارة التربيبة الوطنية مباراة لتوظيف اساتذة للتعليم الابتدائي الدرجة الثانية ....اقرأ الخبر في الصفحة ادناه

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 يناير 2010

منهجية اختيار مواضيع الرسائل الجامعية *

منهجية اختيار مواضيع الرسائل الجامعية *


كتب

د.محمد موسى بابا عمي **

على من تقع مسؤولية إختيار الموضوع؟ كثيرا مايتردد هذا السؤال في الأوساط الأكاديمية، فتنقسم الأصوات بين من يرجع المسؤولية إلى الباحث والبعض الآخر إلى المشرف، وهناك من يعتبر الجامعة المخول الوحيد باختيار الموضوع، وهناك من يردها إلى جهات أخرى…
وفي نظري أن إختيار إشكالية للبحث هو بمثابة “الخطبة”، فالمسؤول عنها هو “الخاطب” أي “الباحث” لكن على الأستاذ المشرف أن يأخد بيده ويوجهه الوجهة الصحيحة، ويرشده إلى الظروف المحيطة بموضوعه، فقد يكون الموضوع المطروق موضوعا قتل بحثا ودراسة، وقد يكون موضوعا لا يستحق الجهد المبذول في سبيله.

ولعل من أبرز الأخطاء التي تجني فيها الجامعة على الطلبة والباحثين حين تقوم بتعليق جملة من العناوين التي تشغل مسيرة المشرف العلمية، ويفرض على الطلبة أن يختاروا عنوانا من بينها، هذا الإجراء يعتبر من معيقات البحث العلمي وهو من ألأسباب التي تجعبل الطالب نسخة من مشرفه ولا تضيف شيئا للمعرفة الإنسانية .

جدلية إختيار الموضوع والمشرف:
بالرجوع إلى واقع البحث العلمي في الجامعات الجزائرية خصوصا، وفي الجامعات العالمية بالعموم، نميز أربع حالات من العلاقة بين موضوع البحث والمشرف:

*توفر المشرف والموضوع معا: هذه هي الحالة المثلى التي يسعى كل طالب لبلوغها، وعلى الطالب أن يتثبت أن الموضوع يلائم المشرف ويثير إهتمامه، وأن قبوله لهذا الموضوزع ليس من قبيل المحاباة أو الضرورة أو حتى عن جهله بالموضوع أو مشرف لا يرد أحدا أو لأي اعتبارات أخرى خارجة عن المقاييس العلمية للاشراف والمشرف الجيد هو الذي يلتزم بالتوجيه ، ويتبنى الموضوع بحماس واهتمام ويتحمل مسؤولية النجاح والاخفاق.

*توفر المشرف وانعدام الموضوع : والغالب في هذه الحالة أن المشرف قد سبق أنم تعامل مع الطالب، وهو يقدر اجتهاده وملكاته لذا يثق فيه كل الثقة ويبدي استعداده للإشراف عليه حتى وإن لم يستقر بعد على موضوع معين.
في مثل هذه الحال على الطالب أن يعقد موعدا مع مشرفه ، ويتداولا أطراف المواضيع للإستقرار على “مجال ومحور على الأقل” ثم يجتهد الطالب في تفكيك موضوعه إلى أن يصوغ الإشكالية اللائقة.

*انعدام المشرف وتوفر الموضوع: هي حالة مرضية غير مشجعة، ذلك أن الطالب الذي لا يستطيع أن يقنع ويختار مشرفه، وهو طالب يعاني نقصا في الإتصال.وفي اتخاد القرار وعليه أن يصحح ما استطاع هذا الخطأ، ويجتهد في تدارك الأمر.
إن هذا الطالب قد لا يجد مشرفا لبحثه، وقد يجد مشرفا غير مؤهل، أو مشرفا على منوال”مرغم أخاك لا بطل”… في جميع الحالات ينبغي على الطالب أن يتدارك الأمر.

*انعدام المشرف والموضوع معاً: هو مؤشِّر سيء، وعلى الطالب في هذه الحال أن يحدِّد وقتا معيَّنا، بين 4 إلى 8 أسابيع، لرسالة الماجستير وأطروحة الدكتوراه، وبين 2 و 3 أسابيع لمذكرة الليسانس أو شهادة مهندس الدولة؛ يسعى الطالب في هذه المرحلة لترتيب أموره والاجتهاد في الحصول على مشرف، وفي الاستقرار على موضوع جدير؛ وإن تجاوز هذه المدَّة، وطال الوقت دون الاستقرار على مشرف وعلى موضوع، فقد يقتضي من الطالب مغادرة حلبة البحث العلمي كلية، والذهاب إلى مجال الوظيف، فقد يكون هذا الخيار أفضل بالنسبة إليه…

من الاهتمام العام إلى إشكالية البحث
غالبا ما يكون محور البحث، في ذهن الباحث عامًّا، واسعاً، وغير منضبط، ثم يسعى بعد ذلك لتضييق مجاله، قدر المستطاع، “والحقيقة أنَّ التحرك من الموضوع العام، أو قضية البحث، إلى مشكلة البحث المحدَّدة، التي يمكن بحثها عمليا، يتضمَّن عمليتين أساسيتين:
1- التقدُّم على جبهة زيادة المفاهيم تحديداً، والتعرف على مكوِّناتها، وزيادة الاستبصار بها.
2- التقدُّم على جبهة تضييق نطاق القضية المراد بحثها، ليتمَّ الاقتصار على بعض ما يعني البحث، مما يعتبره أهمَّ جوانبها.
وتلك عمليات عقلية تتم في ذهن الباحث، وهي لا شكَّ تتطلب شيئا من الجهد والإصرار؛ لأنها يندر أن تتقدَّم بشكل مضطرد دائما، فالباحث قد يحسُّ في بعض الأحايين أنه يحقق فعلا شيئا من الوضوح والاستبصار، ولكنه قد يشعر أحيانا أخرى بأنه يسير في طريق مسدود وهكذا…”1
والمعين الأساس في ذلك هو:
*رصيد الباحث المعرفي والعلمي.
*المعرفة بالنظريات السابقة.
*الاطلاع على البحوث التي لها علاقة بموضوعه، من قريب أو بعيد.
*ثم الصبر والمثابرة، والعمل الدؤوب.

مصادر إختيار موضوع البحث:
يبنني الباحث موضوعه إشكاليته من مصادر عدة يستقيها من حياته، ومن أبرز هذه المصادر:

*التجارب المعيشة: يعيش الباحث تجاربا في حياته، بعض هذه التجارب تلقي بظلالها على الباحث فيضوع منها إشكالية لبحثه.

*الرغبة في أن يكون البحث مفيدا: إنَّ هذه الرغبة قد تكون مصدر إلهام للباحث في اختياره، وهذا السبب خارجي إلاَّ أنه ممكن الحدوث، ودافع لاختيار الموضوع أحيانا.

*ملاحظة المحيط: الفرق بين الإنسان العاديِّ والباحث هو أنَّ الأوَّل يلاحظ الأمور برتابة، غير أنَّ الثاني يتميز بملاحظته الدقيقة والمنظَّمة للأشياء، والتي تنتهي بطرح تساؤلات وإشكالات قد تبلور فتتحوَّل إلى بحث عميق مفيد.

*تبادل الأفكار مع الآخرين: لا يقلُّ هذا المصدر أهمية عن المصادر الأخرى، فيمكن للزملاء أن يوقظوا انتباهنا إلى مواضيع جديرة، أو يثمِّنوا اختيارنا لموضوع معين، أو ينبِّهونا إلى خطأ في اختيارنا، فاختيار الموضوع عملية تبادلية، وليست بعملية عقلية فردية مجرَّدة، «إنَّ تبادل الأفكار حول مواضيع بحث يسمح بالتفتح على آفاق جديدة»2 (انجرس، 124)

*البحوث السابقة: نظرا لطبيعة البحث التراكمية فإنَّ البحوث تتسلسل في الوصول إلى الحقيقة، وكلُّ بحث هو امتداد لبحوث أخرى، وهو مقدِّمة لبحوث جديدة، ولذا وجب الاطلاع على البحوث السابقة والبحوث الجارية لاختيار موضوع معين.

ضوابط شرعية وحضارية في اختيار الموضوع:
طالعتُ العشرات من كتب “منهجية البحث العلمي”، من مختلف المداخل والفنون، غير أنِّي لم أجد ضمنها من حاول صفَّ البحث العلمي في قائمة “العمل الصالح”، وفي عداد “الطاعة لله تعالى”، ومن ثمَّ لا يشترط فيه ما يشترط في العبادات من مدخل قرآني: من نية، وصدق، وغاية، وإخلاص… غير أني أستثني باحثا أو باحثين ممن حاول الإشارة إلى هذا الضابط الشرعي، وبخاصة فريد الأنصاري في كتابه الموسوم بـ”أبجديات البحث في العلوم الشرعية”.
والحقُّ أنَّ البحث العلميُّ عمل صالح، لا يختلف عن الإعمال الصالحة الأخرى في شيء، وهو استجابة لأمر الله تعالى، في قوله: «وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (آل عمران: 57)، وفي قوله: «وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا» (النساء: 124).

ويمكن كذلك أن نضيف ضوابط حضارية:

*ضابط الهدفية: البحث بالأهداف من مناحي البحوث المعاصرة، ويعرف بالبحث بالأهداف، فقد تكون هذه الأهداف قومية، أو إقليمية، أو جماعية… الخ، حسب الدائرة التي يعمل الباحث ضمنها؛ ولعلَّ من أفضل النماذج ما حقَّقه “فنهوفر بوش” للولايات المتحدة الأمريكية، بوضعه لمخطط البحث العلمي بالأهداف، تحت إشارة الرئيس “فرانكلان روزفلت”، وملخص هذا المشروع أنَّ أيَّ بحث في أيِّ جامعة أمريكية لا يسهم في تحقيق “رقم واحد” لأمريكا، في أيِّ تخصص كان، لا تموٍّله الحكومة، ويرفض من الطالب… وهذا الإجراء هو نوع من الاقتصاد وتوجيه الطاقة، ولقد حقق نتائج باهرة لأمريكا.

*ضابط الأولويات: فقد يبدو للباحث أوَّل وهلة أنَّ بحثه هامًّا، لكن بعد التحقيق يتبين أنَّ ثمة ما هو أولى منه وأوكد، علما أنَّه يوجد علم جليل في الفكر الإسلامي يعرف بعلم “فقه الأولويات”، وعلم مفيد في الفكر الغربي يعرف بعلم “إدارة الأولويات”3 (باباعمي، )، ويمكن الاستفادة منهما في اختيار البحث، أو في الاختيار بين بحثين أو أكثر، مما قد يصعب على الباحث أن يبثَّ فيه.

*ضابط الرؤيا: لو أنَّ الباحث كان مواطنا لبلد له رؤية واضحة لعدد من السنين، أو كان منتميا إلى جماعة أو مجتمع أو شركة لها رؤية دقيقة، فليس من الحكمة أن ينجز بحثه خارج دائرة هذه الرؤيا.

*ضابط الرسالية: الرسالة هي لك الخط الذي تعمل المؤسسات والشركات على التوفق والبروز فيه، وعلى توجيه جميع الطاقات الممكنة نحوه، فرسالة مكب الدراسات ومعهد المناهج – مثلا – هي: التغيير في المنهج من منطلق قرآني. ومن ثمَّ لو قدِّر لباحثين أن يعملوا ضمن إطار المشروعين فعليهم الالتزام بهذه الرسالة، والسعي لتجسيدها بكلِّ ما أوتوا من قوَّة وفكر.

* سبق أن نشرنا عددا من الموضوعات ذات الصلة في موقع “ضفاف” يمكن العود اليها بإجراء عملية بحث بسيطة في الموقع ، أو في مواقع أخرى ،ولا ينبغي على الطلاب الاعتذار بأنهم لا يعرفون أسس المنهجية…ويجدون صعوبة في اختيار موضوعات رسائلهم وأطروحاتهم .

** مشرف عام فضاء “فيكوس .نت” ومدير معهد المناهج .في الجزائر العاصمة.

*تلخيص الطالب رستم بن محمد باعمارة، من كتاب اختيار الموضوع والإشكالية، تأليف د. محمد موسى باباعمي -غير منشور-
1- إبراهيم عبد الرحمن رجب: مناهج البحث في العلوم الاجتماعية؛ دار عالم الكتب، الرياض؛ 1424هـ/2003م، ص145-146
2- أنجرس موريس: منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية، تدريبات عملية؛ ترجمة بوزيد صحراوي وآخرون؛ دار القصبة، الجزائر؛ ط2: 2006، ص124
3- محمد بن موسى باباعمي: أصول البرمجة الزمنية في الفكر الإسلامي مقارنة بالفكر الغربي؛ دار الأوائل، دمشق؛ ط2: 2006. ص253

* احفظ وشارك الموضوع

PostCategoryIcon مصنف في أكاديميا, للجامعيين خاصة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق